8.30.2009

.

رأيت في الحلم أنني يجب أن أذهب مع عدة أشخاص إلى منزل سيد كنا معه على موعد. عندما وصلت المنزل بدا لي من الخارج كأي منزل آخر، ولما دخلت، سرعان ما تأكدت أنه لم يكن كذلك. بل يختلف عن سواه، بادرني صاحبه القول : كنت أنتظرك.

خالجني شعور بأنني في مأزق، وأردت أن أهرب. بذلت جهداً هائلاً بعد فوات الأوان: أحسست أن جسمي لم يعد يطاوعني فمكثت لأشاهد ما سيحدث، كأن الأمر لا يعنيني. بدأ ذلك الرجل بمسخي طيراً، طيراً بحجم انسان. ابتدأ برجلي: ورأيت كيف كانت تستحيل شيئاً فشيئاً إلى قائمتي ديك، أو ما شابه ذلك. ثم استمر يمسخ جميع أجزاء جسمي صعوداً مثلما يرتفع الماء وهو يملأ صهريجاً . كان أملي الوحيد عندئذ معلقاً على أصدقائي الذين تأخروا في الوصول بلا مسوغ، حينما دخلوا حدث ما أرعبني. لم يلاحظوا أني تحولت إلى طير، وخاطبوني كعهدي بهم، مما يدل على أنهم كانوا يرونني كما كنت من قبل.

فكرت أن الساحر استولى على عقولهم، مما جعلهم يروني كإنسان عادي، فقررت أن أروي لهم ما فعله. ومع أنني كنت أبتغي استرعاء الانتباه إلى الظاهرة العجيبة بكل هدوء، وتلافي تعقد الأمور، وإثارة الساحر، لما قد ينجم عن ذلك من ردود فعل عنيفة، بدأت أروي ما حدث بصوت مرتفع، لكنني لاحظت أمرين عجيبين : فالجملة التي أردت أن ألفظها تحولت عند خروجها من فمي إلى نعيق طائر أجش الصوت، نعيق بائس غريب، لعله كان كذلك بسبب انطوائه على عنصر إنساني، وما كان أسوأ من ذلك أن أصدقائي لم يسمعوا ذلك النعيق، مثلما لم يروا من قبل جسمي وقد تحول إلى طائر كبير، بل كان الأمر عكس ذلك تماماً، إذ بدا لي أنهم يسمعون صوتي المألوف، أقول أشياء مألوفة، ولم تبدر منهم في أي لحظة أدنى بادرة تنم عن الدهشة، لذت بالصمت مذعوراً، ونظر إليّ صاحب المنزل وعيناه تلمعان ببريق ساخر خفي، لم يلاحظه على أية حال سواي. وأدركت عندئذ أن أحداً لن يعرف البتة أنني مسخت طيراً، وبأن ذلك السر سيرافقني إلى القبر



ارنستو ساباتو



The Machinist

ليست هناك تعليقات: